إن من يعمل طبيبا في الإسعاف وفي ضوء ما يتعرض له من ضغط نفسي وإرهاق جسدي وما يقابله من نكران معظم المرضى لجهوده ، فهو بحاجة إلى ما يزرع في نفسه بعضا من الأمل ويعزز شعوره بالرضا لكي يتغلب على هذه الضغوط ،
أتاني في أحد مناوباتي مريض مسن يسند ذراعه اليمنى بيده اليسرى وهو يصرخ من الألم بعد أن انزلق وسقط على يده ، ولدى معاينة المريض لاحظت تشوها في شكل العضلة الدالية وألما في مفصل الكتف وتحددا شديدا في حركة المفصل فشخصت له خلعا في مفصل الكتف وهذا ما أكدته الصورة الشعاعية ، وبعد تخدير المريض أجرينا مناورة لإعادة العظم إلى مكانه الطبيعي وتم الأمر بنجاح ،
قد يكون تدبيرا بسيطا ولا يحتاج ذلك القدر من الخبرة والمهارة ولكن بعد أن صحى المريض وقد تخلص من ألمه ومعاناته وراح يدعو لي بالبركة والتوفيق والرزق ، فهذا ما نكز في ذهني أرشيفا كاد أن يمحى ، لقد ذكرني بالهدف الذي دفعني لاختيار الطب كدراسة ومهنة ” أن أكون سببا في تحسين حياة الناس وتخليصهم من معاناتهم ”
وفي موقف آخر رأيت طفلة قد شدها أخوها الأكبر من يدها فسبب لها خلعا في رأس الكعبرة مما سبب لها عجزا في تحريك ذراعها ، وبحركة بسيطة قمت برد الخلع وعادت حركة اليد إلى طبيعتها ، وأذكر حينها تحولا مفاجئا في وجهي والديها من نظرات حزن وقلق إلى تعابير سعادة ورضا ،
فمثل هذا الموقف وسابقه يخلق في النفس حافزا لمزيد من التعلم والتدريب لتحقيق قدر أعلى من النجاح والتغلب على المحبطات المحيطة بنا ، ويعلمنا بأن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .