تدبير إصابة كهربائية معقدة تسببت في تسرع قلب بطيني ومضاعفات عصبية في شاب في العشرينات

تعد الإصابات الكهربائية من الحالات الطارئة التي يمكن أن تسبب عواقب وخيمة على مختلف أجهزة الجسم، بما في ذلك توقف القلب المفاجئ، واضطرابات النظم القلبية، والمضاعفات العصبية مثل الوذمة الدماغية. تتطلب هذه الحالات استجابة سريعة وتدابير علاجية دقيقة للحفاظ على حياة المريض وتقليل الأضرار المحتملة.

يستعرض هذا التقرير حالة شاب يبلغ من العمر 23 عاماً تعرض لإصابة كهربائية أثناء عمله في مركز لغسيل السيارات، مما أدى إلى توقف القلب والجهاز التنفسي. تضمنت التدابير العلاجية إجراء الإنعاش القلبي الرئوي (CPR) وإزالة الرجفان غير المتزامن باستخدام جهاز إزالة الرجفان أحادي الطور، ثم القيام بدعم الجهاز التنفسي والعلاج الدوائي. تم نقل المريض إلى وحدة العناية المركزة (ICU)، حيث تم تشخيصه بوذمة دماغية وتم تقديم العلاج المناسب. تطورت حالته بشكل إيجابي لاحقاً، وتم تخريجه مع خطة علاجية ورعاية متابعة. سنحاول تسليط الضوء على التدابير العلاجية الفعالة وآثار الإصابات الكهربائية على الجهاز العصبي من خلال دراسة الحالة السريرية المذكورة.

وصل المريض (م، ز)، 23 سنة، وهو شاب وحيد لأهله، يعمل في مركز عسيل سيارات، إلى قسم الإسعاف في مستشفى القدس محمولاً من قبل أهله، وكان في حالة حرجة مع غياب النبض المركزي وأصوات القلب. تبين من الفحص أنه تعرض لصعق كهربائي أثناء عمله بسبب خلل في التمديدات الكهربائية للآلات. تم نقله إلى المستشفى خلال خمس دقائق من الحادث. وعند سؤال الأهل عن التاريخ الطبي السابق، لم يذكروا أي شيء ذو أهمية في حالته.

بدأ الفريق الطبي على الفور عند وصول المريض إلى قسم الإسعاف في مستشفى القدس، بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي وتوفير التهوية والدعم الدوري. كما تم تحليل نظم القلب، حيث أظهر الفحص تسرعاً قلبياً بطينياً. تم اتخاذ الخطوات التالية في التدخل الإسعافي:

  • الصدمات الكهربائية: استخدم الفريق الطبي مزيل الرجفان أحادي الطور لإجراء صدمتين غير متزامنتين بقدرة 360 جول لكل منهما.
  • بعد الصدمة الثانية، تم استعادة النبض والتنفس.

تم التشخيص الأولي بتسرع قلب بطيني نتيجة الإصابة الكهربائية. كشف الفحص الكامل لاحقاً، عن وجود فوهة دخول في اليد اليمنى دون فوهة خروج واضحة.

  • الدعم التنفسي
  • وضع المريض على جهاز التهوية الآلية.
  • العلاج العرضي:
    • سوائل وريدية
    • مضادات الحموضة
    • مضخة تهدئة وإرخاء
    • ضماد لفوهة الدخول

العلامات الحيوية: كان الضغط الشرياني 72/110 ملم ز، والنبض 110/ دقيقة، و SPO2 99%.

أظهر الفحص العصبي GCS 5/10 مع إيجابية علامة بابنسكي في الطرفين. وكان إصغاء القلب والصدر

طبيعي. أظهر فحص الأطراف نبض مجسوس دون وجود متلازمة الحجرات.

كانت صورة الصدر بالأشعة السينية طبيعية، دون أي علامة لكسور في الأضلاع. وكان إيكو القلب طبيعياً مع حركية جيدة وكسر قذفي 60%.، وكان إيكو البطن ضمن الطبيعي دون وجود سائل حر بالبطن ولا وجود لعلامة تدل على أذية حشوية

تم البدء بسحب مضخة التهدئة والتسكين بشكل تدريجي. أظهر المريض حركات تنفسية مقاومة للمنفسة وتم فطامه بعد مرور 12 ساعة من القبول ووضعه على قناع أوكسجين.

أظهر الفحص العصبي المتقدم تحسن في GCS لتصبح  9/10مع حبسة كلامية مع غياب علامة بابنسكي في الطرفين. وكان إصغاء القلب والصدر طبيعياً. وأظهر فحص الأطراف أن النبض صار مجسوساً دون وجود متلازمة الحجرات.

تم نقل المريض لإجراء طبقي محوري للدماغ بدون حقن، والذي أظهر وجود عدم وضوح بالتلافيف ما يتماشى مع وذمة دماغية.

  • مانيتول Mannitol وريدي بجرعة 1 غرام يومياً
  • ليفيتراسيتام Levetiracetam بجرعة 2 غرام يومياً
  • مسكنات الألم وتغيير ضماد فوهة الدخول

وكانت العلامات الحيوية الضغط الشرياني 131/69 ملم ز، والنبض 95/ دقيقة، و SPO2 98%.

التحاليل المخبرية
اليوم الرابعاليوم الثانيعند القبول 
9.510.214.9WBC
1413.213.8Hgb
4.904.604.45RBC
290220195Plt
0.730.70.85Cr
212326Urea
1019897Glu
302931ALT
  7.41Ph
  34PCO2
  23HCO3
  2.3Lac

تحسن الحالة العصبية وأصبحت GCS: 14/15، مع تحسن القدرة على النطق والحركة.

تم تخفيض جرعة ليفيتراسيتام Levetiracetam  إلى 1 غرام يومياً، وتحسنت العلامات الحيوية لتصبح: الضغط الشرياني 129/68 ملم ز، والنبض 73/ دقيقة، و SPO2 99%.

اليوم الرابع

تمت إعادة التصوير المقطعي المحوري والذي أظهرزوال الوذمة الدماغية، وبناء عليه تم التوقف عن المانيتول، مع الاستمرار بالعلاج بليفيتراسيتام Levetiracetam ومسكنات الألم

تماثل المريض للشفاء العصبي بشكل تدريجي وظهر لديه تحسن تدريجي في القدرة الكلامية والحركية، مع استقرار العلامات الحيوية وتحسن النتائج المخبرية.

  1. المعالجة الدوائية:
    1. ليفيتراسيتام [1]Levetiracetam: 1 غرام يومياً عن طريق الفم، للوقاية من النوبات العصبية.
    1. مسكنات الألم: حسب الحاجة لتخفيف الألم.
    1. مثبطات مضخة البروتون: لحماية الجهاز الهضمي من التهيج بسبب الأدوية والمسكنات.
  2. العناية بالجرح:
    1. ضماد فوهة الدخول: يجب تغيير الضماد بانتظام والحفاظ على الجرح نظيفاً وجافاً لتجنب العدوى.
  3. المتابعة الطبية:
    1. العيادة القلبية: تمت التوصية بمراجعة العيادة القلبية خلال أسبوع من التخريج لإعادة تقييم الحالة القلبية وضمان عدم وجود مضاعفات محتملة ناتجة عن الصعق الكهربائي.
    1. العيادة العصبية: تمت التوصية بمراجعة العيادة العصبية خلال أسبوع أيضاً من التخريج لتقييم الحالة العصبية والتأكد من عدم وجود مضاعفات عصبية طويلة الأمد، مثل النوبات أو ضعف الوظيفة الإدراكية.
  4. توصيات السلامة:
    1. تجنب التعرض للصعق الكهربائي مستقبلاً: من خلال التأكيد على أهمية اتباع إجراءات السلامة في بيئة العمل، بما في ذلك استخدام معدات الوقاية الشخصية الملائمة عند التعامل مع الأجهزة الكهربائية، لتجنب التعرض للإصابة مرة أخرى.
    1. التوعية الصحية: تقديم التعليمات اللازمة حول كيفية التعامل مع الحوادث الطارئة، وكذلك معرفة أعراض المضاعفات التي قد تتطلب تدخلاً طبياً فورياً، مثل صعوبة التنفس، الألم في الصدر، أو التغيرات في الحالة العصبية.
  5. المراقبة الذاتية:
    1. مراقبة العلامات الحيوية: متابعة ضغط الدم، ومعدل النبض، ومستوى الأكسجين في الدم بانتظام لضمان استقرار الحالة الصحية.
    1. مراقبة الأعراض العصبية: ملاحظة أي تغيرات في القدرة على الكلام، الحركة، أو الوعي، والإبلاغ عنها فوراً عندما تحدث.
  6. التثقيف والتوعية:
    1. تعليم المريض وأسرته: تعليم المريض وأسرته حول كيفية العناية الذاتية، والالتزام بالعلاج الموصوف، ومتى يجب العودة إلى المستشفى إذا ظهرت أي أعراض مقلقة.

المناقشة: الأذيات الكهربائية: التدخل العاجل والرعاية متعددة التخصصات

تشكل الأذياتالكهربائية مخاطر كبيرة وتتطلب تدخلاً فورياً ومتعدد التخصصات للتخفيف من المضاعفات المهددة للحياة وتعزيز التعافي. يتضمن تدبير هذه الأذيات تدخل متعدد الاختصاصات من المتخصصين في الرعاية الصحية وتركز على العديد من المجالات الحرجة.[2]

تختلف الأذيات الكهربائية بشكل كبير في شدتها، من الإحساس الخفيفة إلى النتائج المميتة. وتشمل العوامل الرئيسية المؤثرة على نوع الإصابة نوع التيار (تيار متناوب/تيار مستمر)، والجهد، ومدة التعرض، ومسار التيار عبر الجسم.[3]

  1. الأذيات الكهربائية الحقيقية (التيار يدخل ويخرج من الجسم)
  2. أذيات الوميض (الحروق السطحية من وميض القوس الكهربائي)
  3. أذيات اللهب (اشتعال الملابس)
  4. أذيات البرق (الجهد العالي، مدة قصيرة)
  • حروق الجلد (بما في ذلك “الحروق الشديدة” في ثنيات العاطفات)
    • التأثيرات القلبية (اضطرابات النظم)
    • الأعراض العصبية (الوخز، وفقدان الوعي، والنوبات)
    • المضاعفات الكلوية
    • إصابات العين (إعتام عدسة العين)
    • كسور العظام

قد تشمل التأثيرات طويلة المدى مشاكل نفسية، واختلالات في وظائف الكلى، ومضاعفات جسدية مزمنة. يتضمن التشخيص تاريخ المريض، والفحص البدني، وتخطيط كهربية القلب، والاختبارات المعملية، ودراسات التصوير. تتطلب الإدارة نهجًا متعدد التخصصات يركز على الاستقرار والمراقبة وإعادة التأهيل.

  • المسح الأولي: يجب أن يتبع التقييم الأولي بروتوكولات الرضوض، وتقييم مجرى الهواء والتنفس والدورة الدموية وتثبيت العمود الفقري. يعد ارتفاع مؤشر الشك في الإصابات الخفية أمراً ضرورياً.
  • الإنعاش بالسوائل: نظراً للتغير الهائل المحتمل في حركة السوائل وتلف الأنسجة، فإن الإنعاش المكثف بالسوائل أمر بالغ الأهمية. يتم عادةً استخدام المحلول الملحي متساوي التوتر، بهدف إخراج البول بمقدار 0.5-1 سم3 / كغ / ساعة. يساعد هذا في مراقبة وظائف الكليتين وتروية الأنسجة، وخاصة في حالات بيلة الميوغلوبين.
  • مراقبة القلب: تعتبرمراقبة تخطيط القلب المستمر أمراً حيوياً، حيث يمكن أن تؤدي الأذيات الكهربائية إلى عدم انتظام ضربات القلب مثل الرجفان البطيني. ويعتبر الإنعاش القلبي الرئوي الفوري ضرورياً في حالة السكتة القلبية، وقد تكون هناك حاجة إلى إزالة الرجفان لاستعادة الإيقاع الطبيعي.
  • رعاية ما بعد الإنعاش: يجب مراقبة المرضى عن كثب بحثاً عن علامات تأخر عدم انتظام ضربات القلب وعلاجهم وفقاً لذلك.
  • التأثيرات العصبية: يمكن أن تحدث وذمة دماغية، تتطلب العلاج الفوري لتخفيف الضغط داخل القحف. ويتم إعطاء المانيتول لهذا الغرض في أغلب الأحيان.
  • تلف العضلات والأنسجة: يمكن أن تؤدي الأذيات الكهربائية إلى تلف كبير في الأنسجة الرخوة، على غرار إصابات السحق. وقد تكون هناك حاجة إلى تدخل جراحي مبكر، مثل قطع اللفافة، لمعالجة متلازمة الحيز (الحجرات) ومنع نقص التروية.
  • تدبير الجروح: يجب تقييم جروح الدخول والخروج بعناية وعلاجها. قد يكون التنظيف المبكر وترقيع الجلد ضرورياً لتحسين الشفاء والنتائج الوظيفية.
  • الوقاية من العدوى: نظراً لخطر العدوى، تعتبر العناية الدقيقة بالجروح ومراقبة علامات العدوى أمر بالغ الأهمية وخاصة في جروح الحروق.
  • تنسيق الفريق: يتضمن تدبير الإصابات الكهربائية عادةً فريقاً يضم أطباء الطوارئ والجراحين وأطباء الأعصاب وأطباء القلب ومتخصصي إعادة التأهيل. يضمن هذا النهج التعاوني الرعاية الشاملة التي تعالج جميع المضاعفات المحتملة.
  • تثقيف المريض: يعد تثقيف المرضى حول التأثيرات المحتملة طويلة المدى والتدابير الوقائية بعد الخروج من المستشفى، أمراً ضرورياً للحد من مخاطر الإصابات المستقبلية.

الاستنتاج

تشير هذه الحالة إلى أهمية الاستجابة السريعة والتدخل الفوري في معالجة الإصابات الكهربائية لضمان الحفاظ على حياة المريض وتقليل الأضرار الدائمة. من خلال التنسيق المتعدد التخصصات وتوفير الرعاية المتكاملة، بما في ذلك الدعم التنفسي، التحكم في الألم، والعلاج الدوائي، يمكن تحقيق نتائج إيجابية وتحسين فرص التعافي الكامل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الوعي بإجراءات السلامة واتخاذ التدابير الوقائية في أماكن العمل أمر حيوي لتقليل مخاطر الإصابات الكهربائية وحماية الأفراد من الحوادث المستقبلية.

تم علاج هذه الحالة في مشفى القدس المدعوم من منظمة يداً بيد، من قبل الطبيب المقيم حكمت السلطان مقيم في اختصاص الأمراض الباطنة في الهيئة السورية للاختصاصات الطبية سبومز، وتحت إشراف الطبيب د. عقل اليحيى اختصاصي أمراض باطنة وأمراض جهاز الهضم

المراجع:

[1]        A. Kumar, K. Maini, ; Renu, and K. Affiliations, “Levetiracetam Continuing Education Activity,” 2024. Accessed: Aug. 12, 2024. [Online]. Available: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK499890/

[2]        M. F. Kelly P O’Keefe, “Electrical injuries and lightning strikes: Evaluation and management,” UpToDate. Accessed: Aug. 12, 2024. [Online]. Available: https://www.uptodate.com/contents/electrical-injuries-and-lightning-strikes-evaluation-and-management

[3]        M. R. Zemaitis, L. A. Foris, R. A. Lopez, and M. R. H. Affiliations, “Electrical Injuries Continuing Education Activity,” 2024.

المحاضرات المضافة حديثاً