المقدمة
يُعد تضيق برزخ الأبهر (Aortic Coarctation) أحد العيوب الخلقية النادرة التي تؤدي إلى اضطراب في تدفق الدم، مما يسبب ارتفاع ضغط الدم في الجزء العلوي من الجسم وضعف التروية الدموية للأطراف السفلية. يُعد هذا المرض أحد الأسباب المهمة لارتفاع ضغط الدم المقاوم للعلاج لدى الشباب، وقد يكون التشخيص متأخراً عند البالغين، مما يزيد من خطر حدوث مضاعفات قلبية وعائية.

نستعرض في هذا التقرير حالة شاب يبلغ من العمر 20 عاماً خضع لأول عملية توسيع لتضيق برزخ الأبهر بالقسطرة في شمال غرب سوريا، حيث أجرى فريق الجراحة الوعائية في المشفى الجراحي التخصصي بمدينة إدلب هذا التدخل الناجح، مما أسهم في تحسين حالته الصحية والتخفيف من مضاعفات المرض.
عرض الحالة
بيانات المريض
- رجل عمره 20 سنة
- الأعراض الأولية: ارتفاع شديد في ضغط الدم غير مستجيب للعلاج الدوائي، عرج متقطع في الطرفين السفليين. مع تراجع في جودة الحياة عن المريض بشكل كبير.
- التاريخ الطبي: لا توجد أمراض مزمنة سابقة، ولم يخضع لأي تدخلات جراحية سابقة.
الفحص السريري
- حالة الوعي: المريض واعٍ ومتيقظ.
- العلامات الحيوية: ضغط الدم 180/110 ملم زئبق في الأطراف العلوية.
- الفحص القلبي الوعائي: غياب النبضات المحيطية في الطرفين السفليين.
التشخيص الشعاعي والمخبري
- الإيكو القلبي عبر الصدر: أظهر تدفقاً عالي السرعة في منطقة البرزخ مع ارتفاع المقاومة الوعائية.
- وظائف الكلى: طبيعية، مما يدل على عدم وجود تأثير مباشر على التروية الكلوية.
القرار العلاجي والتدخل الجراحي
- مناقشة الخيارات العلاجية: تمت مناقشة الخيارات المتاحة مع المريض، والتي شملت:
- الجراحة المفتوحة: استئصال الجزء المتضيق مع إعادة توصيل الشريان الأبهر.
- التوسيع عبر القسطرة مع زرع دعامة: وهو الخيار الأقل تدخلاً ويؤدي إلى تعافٍ أسرع مع تقليل خطر المضاعفات.
بناءً على تقييم شامل للحالة وتفضيلات المريض، تم اتخاذ قرار بإجراء توسيع التضيق بالقسطرة وزرع دعامة.
- التدخل العلاجي: تم التحضير للعملية تحت التخدير الموضعي مع المراقبة القلبية الدقيقة.
تم توسيع تضيق برزخ الأبهر عبر القسطرة باستخدام دعامة (BeGraft ‘aortic’) لضمان إعادة فتح الشريان وتحقيق جريان دموي طبيعي.
تم التحقق من نجاح التوسيع عبر التصوير الوعائي الفوري.

ما بعد الإجراء العلاجي
- المراقبة الفورية
- تحسن الجريان الدموي بشكل ملحوظ.
- انخفاض ضغط الدم إلى 110/75 ملم زئبق، مما يشير إلى استجابة ناجحة للعلاج.
- عودة النبضات المحيطية للطرفين السفليين وتحسن قدرة المريض على المشي دون ألم.
- استقرار العلامات الحيوية دون أي مضاعفات فورية.
- خرج المريض بعد 24 ساعة بحالة عامة جيدة، مع توصيات بالمتابعة المنتظمة.
- المتابعة طويلة الأمد
- إجراء فحوصات دورية لمراقبة ضغط الدم ووظائف القلب.
- متابعة بالأشعة كل 6-12 شهراً لضمان استقرار الحالة وعدم حدوث تضيق متكرر.
- التوعية بأهمية الحفاظ على نمط حياة صحي والالتزام بالعلاج الدوائي.
- مراجعة طبية منتظمة لدى أخصائي جراحة الأوعية الدموية.
الخلاصة
تُبرز هذه الحالة أهمية التشخيص المبكر والتدخل السريع في تضيق برزخ الأبهر عند البالغين. يُعد التوسيع بالقسطرة علاجاً فعالاً بأقل مضاعفات، مما يسمح بتحسين نوعية حياة المرضى وتقليل المخاطر المستقبلية. ينصح بمتابعة ضغط الدم بانتظام وتقييم وظائف القلب والأوعية الدموية بشكل دوري لضمان نجاح العلاج على المدى الطويل.
لمحة عن المرض
تضيق برزخ الأبهر عند البالغين: لمحة وعائية
تضيق برزخ الأبهر (Aortic Coarctation) هو تشوه خلقي يتمثل في تضيق جزئي أو كامل في البرزخ، وهو الجزء الواقع بين الشريان تحت الترقوة الأيسر ونقطة اتصال القناة الشريانية في الأبهر النازل. يُعد هذا التضيق مسؤولاً عن ارتفاع ضغط الدم في الجزء العلوي من الجسم وضعف التروية الدموية للأطراف السفلية والأعضاء الحشوية.
الفيزيولوجيا المرضية: يؤدي التضيق إلى زيادة المقاومة الوعائية أمام تدفق الدم، مما يسبب:
- ارتفاع ضغط الدم قبل التضيق: يؤثر على الرأس، الأطراف العلوية، والشرايين الدماغية.
- انخفاض الجريان الدموي بعد التضيق: يؤثر على الأطراف السفلية، الكلى، والأمعاء.
- تشكل دُوران جانبي عبر الشرايين الوربية والصدرية الداخلية: يؤدي إلى توسعها وقد تظهر كعلامات شعاعية على الأضلاع (“rib notching”).
- إجهاد القلب الأيسر بسبب المقاومة العالية: قد يؤدي إلى قصور القلب على المدى الطويل.
الأعراض والعلامات السريرية عند البالغين
- ارتفاع ضغط الدم الشرياني (غالبًا مقاوم للعلاج).
- فرق واضح بين ضغط الدم في الأطراف العلوية والسفلية (>20 ملم زئبقي).
- ضعف أو غياب النبض الفخذي وتأخره مقارنة بنبض الذراع.
- عرج متقطع في الأطراف السفلية بسبب نقص التروية.
- الصداع والنزيف الأنفي نتيجة فرط الضغط الشرياني.
- في الحالات غير المعالجة، قد يتطور إلى تمدد الأبهر، تمزق الأبهر، أو سكتة دماغية.
التشخيص
- قياس ضغط الدم: ملاحظة فرق الضغط بين الأطراف العلوية والسفلية.
- التصوير الشعاعي للصدر: توسع الشرايين الوربية (rib notching).
- الإيكو القلبي عبر الصدر أو المريء: لتقييم تدفق الدم وتحديد التضيق.
- التصوير بالـ CTA أو MRA: تحديد مدى التضيق وتخطيط العلاج.
- القسطرة القلبية: قياس فرق الضغط وتقييم الحاجة إلى التوسيع.
الخيار العلاجي
- القسطرة التداخلية مع زرع دعامة (Stenting): الخيار الأول في معظم الحالات البالغة.
- الإصلاح الجراحي المفتوح: يُستخدم في الحالات المعقدة أو عند وجود تمدد في الأبهر.
- المتابعة طويلة الأمد: للتحكم في ضغط الدم وتقييم المضاعفات الوعائية المستقبلية.
الإنذار والتوقعات
مع العلاج المناسب، يمكن للمرضى أن يتمتعوا بحياة طبيعية مع ضرورة المراقبة الدورية لضغط الدم ووظائف القلب.
في حال عدم العلاج، قد يؤدي المرض إلى قصور القلب، السكتة الدماغية، أو التمزق الأبهر.
إنجاز طبي يمنح الأمل
يمثل هذا الإنجاز الطبي خطوة نوعية في مجال الجراحة الوعائية التداخلية في شمال غرب سوريا في مدينة إدلب، إذ يعكس الإمكانيات الطبية المتاحة رغم التحديات، ويمنح الأمل للمرضى الذين يعانون من أمراض وعائية معقدة.
كما يؤكد هذا النجاح أهمية التقدم الطبي في المنطقة، ويعزز ثقة المرضى بالإمكانات المحلية للعلاج المتقدم، مما يفتح آفاقًا جديدة للرعاية الصحية المتخصصة.
تنويه
تم تنفيذ هذا الإجراء في المشفى الجراحي التخصصي بمدينة إدلب، تحت إشراف فريق من اختصاصيي الجراحة الوعائية د. وائل حبيب رئيس المجلس العلمي لاختصاص الجراحة الوعائية في الهيئة السورية للاختصاصات الطبية سبومز، ود. علي السعيد عضو المجلس العلمي للاختصاص، ود. محمد الجنيد مقيم في اختصاص الجراحة الوعائية. تم نشر هذا التقرير بعد موافقة المريض وذويه لأغراض تعليمية.
إعداد وتحرير: الدكتور فايز عرابي
المراجع: