تقرير حالة التهاب زائدة دودية عند طفلة رضيعة بعمر ثلاث اشهر

مقدمة

يعد التهاب الزائدة الدودية الحاد لدى الأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن عامين حالة نادرة للغاية ويصعب تشخيصها بسبب الطبيعة غير المحددة للأعراض وعدم قدرة الأطفال الرضع على التعبير عن الألم. يسلط تقرير الحالة هذا الضوء على التشخيص والعلاج الناجحين لطفلة رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر مصابة بالتهاب الزائدة الدودية الحاد، مما يؤكد على أهمية التدخل الطبي في الوقت المناسب.

عرض الحالة

راجعت الطفلة الرضيعة (س، ج) التي تبلغ من العمر ثلاثة أشهر، وهي تعاني من تهيج مستمر وبكاء مستمر وحمى غير مفسرة بلغت 39 درجة مئوية. يذكر الأهل وجود قصة نوبتين من الاقياءات الحليبية ورفض التغذية لدى الطفلة، مع عدم وجود حركات أمعاء وتوقف الخروج (إمساك شديد) في اليوم الماضي. فشلت التقييمات الأولية في مستشفى الأطفال المحلي في تحديد سبب الأعراض، وتصنيفها على أنها حمى غير معروفة المصدر.

التحديات التشخيصية

كان التحدي الأساسي في تشخيص التهاب الزائدة الدودية الحاد في مثل هذه المريضة الصغيرة هو الطبيعة غير المحددة للأعراض.  كشف الفحص البدني عن إيلام في البطن مع وجود دفاع عضلي معمم في البطن. كان إصغاء الصدر صافِ متناظر، ولم يشاهد فتوق إربية لدى الطفلة. تم إجراء فحص الشرج وكان طبيعياً، وكان المستقيم فارغاً.

 أظهرت التحاليل المخبرية ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء WBC = 21000والبروتين الارتكاسي CRP: 78، وكانت الشوارد ضمن الحدود الطبيعية، مما يشير إلى وجود عدوى.

تم إجراء صورة بسيطة للبطن وكانت طبيعية دون أي علامات انسدادية أو سويات سائلة غازية.

على الرغم من غياب الأعراض الكلاسيكية (الوصفية لالتهاب الزائدة الدودية)، فقد شرع الفريق الطبي في إجراء مزيد من التقييمات بسبب شدة الأعراض السريرية.

التدبير

تم قبول الطفلة وتركيب أنبوب أنفي معدي NGT والبدء بدفقة سيروم ملحي، وتحضير الطفلة للجراحة.

التدخل الجراحي

أجريت عملية فتح بطن عاجلة، وكشفت عن وجود نتحة قيحية (صديدية)، وخاصة في الحفرة الحرقفية اليمنى. وتم استقصاء الزائدة الدودية التي كانت متقيحة مع نخر في ذروتها. تم إجراء عملية استئصال الزائدة الدودية بشكل أكاديمي (قياسي)، ثم تم بعد ذلك غسل تجويف البطن بالكامل بمحلول ملحي دافئ. كما تم استقصاء الأمعاء والملحقات وكانت ضمن الحدود الطبيعية دون وجود رتج ميكل.

المتابعة والعلاج:

تمت متابعة الطفلة في جناح الاطفال عدة أيام مع اماهة (تعويض سوائل) وريدية، إضافة إلى العلاج بالصادات الوريدية لمدة ثلاث أيام.

كان تعافي المريضة هادئاً، وتم تخريجها من المستشفى بصحة عامة جيدة بعد بضعة أيام، بوصفة مضادات التهاب ومسكن ألم عند الضرورة.

النتائج الرئيسية

توضح هذه الدراسة ضرورة اعتبار التهاب الزائدة الدودية الحاد كأحد الأسباب المحتملة عند تشخيص الرضع المصابين بحمى وانزعاج غير مفسرين. ويعود نجاح العلاج إلى سرعة التشخيص والتدخل الجراحي الفوري. كما أن يقظة الطاقم الطبي حالت دون ظهور مضاعفات خطيرة كانثقاب الزائدة أو الصدمة الإنتانية، والتي كان من الممكن أن تهدد الحياة.

كما تؤكد هذه الحالة النادرة على أهمية التشخيص المبكر والعلاج الجراحي السريع في التعامل مع التهاب الزائدة الدودية الحاد لدى الرضع. وتسلط الضوء على ضرورة رفع وعي العاملين في المجال الصحي والآباء بخطورة الأعراض غير المفسرة عند الأطفال الرضع.

المناقشة حول التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال الصغار

يعتبر التهاب الزائدة الدودية مشكلة طبية بارزة خاصةً عند الأطفال، الذين تقل أعمارهم عن عامين، حيث قد تظهر أعراضه بشكل غير نمطي ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم تشخيصه بسرعة.

نظرة عامة على التهاب الزائدة الدودية

يحدث التهاب الزائدة الدودية عندما تصبح الزائدة الدودية، مسدودة ومصابة بالعدوى.[1] يتم تصنيف هذه الحالة على أنها حالة طبية طارئة بسبب خطر تمزق الزائدة الدودية، مما قد يؤدي إلى التهابات شديدة مثل التهاب الصفاق أو الإنتان إذا لم يتم علاجها بسرعة.

الأعراض عند الأطفال الصغار

يمكن أن تكون أعراض التهاب الزائدة الدودية غامضة عند الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين، وقد لا تتبع العرض الكلاسيكي الذي نشاهده عادة عند الأطفال الأكبر سناً. وتشمل العلامات الشائعة:

  1. ألم بطني: غالباً ما يكون العرض الأول، ولكن قد لا يكون موضعياً.
  2. الإقياء: يمكن أن يكون متكرراً وقد يصاحب الألم.
  3. الحمى: الحمى منخفضة الدرجة شائعة، ولكن الحمى المرتفعة قد تشير إلى تمزق الزائدة الدودية.
  4. تورم – انتفاخ البطن swelling: قد يكون ملحوظاً وقد يشير إلى مضاعفات خطيرة.
  5. فقد الشهية: غالباً ما يُرى هذا جنباً إلى جنب مع أعراض أخرى.

تحديات التشخيص

يعد تشخيص التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال الصغار تحدياً خاصاً بسبب[2], [3]:

  • الأعراض غير النمطية: قد لا تتوافق الأعراض عند الأطفال الصغار مع الأعراض الكلاسيكية لالتهاب الزائدة الدودية. فبدلاً من الألم الموضعي، يمكن أن تشمل الأعراض التهيج أو الإقياء أو الانزعاج البطني العام، والذي يمكن أن يُعزى بسهولة خطأً إلى حالات أخرى مثل التهاب المعدة والأمعاء. تشير الأبحاث إلى أن العرض السريري عند الأطفال دون سن الخامسة غالباً ما يكون متنوعاً، مما يؤدي إلى خطأ في التشخيص. غالباً ما يتم الخلط بين التهاب المعدة والأمعاء والتهاب الزائدة الدودية بسبب الأعراض المتداخلة، مما قد يؤخر العلاج المناسب.
  • التقدم السريع: يكون خطر الانثقاب أعلى بشكل ملحوظ عند الأطفال الصغار، حيث تشير الدراسات إلى أن ما يصل إلى 70٪ من الأطفال دون سن الثالثة قد يعانون من الانثقاب في غضون 48 ساعة من ظهور الأعراض.
  • عدم قدرة الطفل على التواصل بشأن الألم: لا يستطيع الأطفال الصغار في التعبير عن انزعاجهم في معظم الحالات، مما يجعل من الصعب على مقدمي الرعاية ومقدمي الرعاية الصحية تحديد مصدر الألم.
  • نقص أدوات التشخيص النوعية: هناك ندرة في الاختبارات التشخيصية المحددة المصممة خصيصاً لهذه الفئة العمرية. قد لا تسفر تقنيات التصوير التقليدية مثل الموجات فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب دائماً عن نتائج واضحة، ويصبح الاعتماد على العلامات السريرية أمراً بالغ الأهمية.

مقارنة أنظمة مقاييس التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال

تم تطوير العديد من أنظمة القياس للمساعدة في تشخيص التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال، بما في ذلك نظام ألفارادو Alvarado Score، ونظام قياس التهاب الزائدة الدودية عند الأطفالPediatric Appendicitis Score (PAS), ونظام PAS المعدل، ونظام Lintula Score، ونظام Tzanakis Score. تتضمن هذه الأنظمة النتائج السريرية ونتائج التحاليل المخبرية للتنبؤ باحتمالية الإصابة بالتهاب الزائدة الدودية.

نظام قياس التهاب الزائدة الدودية عند الأطفال (PAS)

تم تصميم نظام PAS خصيصاً للأطفال ويتضمن عوامل مثل:

  • ألم السعال/القرع/الارتداد في الربع السفلي الأيمن (+2)
  • فقدان الشهية (+1)
  • الحمى (+1)
  • الغثيان أو الإقياء (+1)
  • ألم الربع السفلي الأيمن من البطن (+2)
  • زيادة عدد كريات الدم البيضاء (+1)
  • العدلات متعددة الأشكال (+1)
  • ألم البطن الهاجر (+1)

يشير نظام PAS الذي يزيد عن 7 إلى احتمالية عالية للإصابة بالتهاب الزائدة الدودية. أفادت الدراسات أن حساسية PAS تتراوح بين 87-100% ونوعية تتراوح بين 59-92%.

نظام ألفارادو Alvarado Score

تُستخدم درجة ألفارادو بشكل أكثر شيوعاً، ولكنها قد تكون أقل دقة عند الأطفال. عند حد 7، أظهرت حساسية بنسبة 85.5%، وخصوصية بنسبة 70%، وقيمة تنبؤية إيجابية بنسبة 96.5%، وقيمة تنبؤية سلبية بنسبة 33.3%، ودقة تشخيصية بنسبة 84.11% عند المرضى الأطفال.

تُستخدم درجة ألفارادو بشكل أكثر شيوعاً، ولكنها قد تكون أقل دقة عند الأطفال. عند حد 7، أظهرت حساسية بنسبة 85.5% وخصوصية بنسبة 70% وقيمة تنبؤية إيجابية بنسبة 96.5% وقيمة تنبؤية سلبية بنسبة 33.3% ودقة تشخيصية بنسبة 84.11% عند مرضى الأطفال.

يمكن أن يساعد استخدام أنظمة القياس المختلفة هذه، جنباً إلى جنب مع الحكم السريري والتصوير عند الحاجة، في تحسين إدارة التهاب الزائدة الدودية المشتبه به لدى مرضى الأطفال.

خيارات العلاج

العلاج الأساسي لالتهاب الزائدة الدودية هو استئصال الزائدة الدودية، الاستئصال الجراحي للزائدة الدودية. تزداد ضرورة إجراء الجراحة مع تقدم عمر الطفل، حيث يكون المرضى الأصغر سناً أكثر عرضة للانثقاب. تشير الدراسات إلى أن 70% من الأطفال دون سن الثالثة يمكن أن يصابوا بانثقاب في غضون 48 ساعة من ظهور الأعراض.[4] في بعض الحالات، وخاصة مع التهاب الزائدة الدودية المبكر أو الخفيف، يمكن النظر في العلاج غير الجراحي باستخدام المضادات الحيوية. يمكن أن يساعد هذا النهج في تجنب الجراحة، ولكنه يتطلب مراقبة دقيقة، حيث قد يحتاج بعض الأطفال في النهاية إلى استئصال الزائدة الدودية إذا لم تتحسن الأعراض.

  • توجيه الوالدين: من المهم أن يولي مقدمو الرعاية اهتمامًا كبيرًا لصحة أطفالهم. ويجب على الوالدين السعي للحصول على رعاية طبية فورية إذا ظهرت على طفلهم أعراض مستمرة مثل الحمى العالية، التهيج، أو رفض الطعام، حيث قد تشير هذه الأعراض إلى احتمال وجود التهاب الزائدة الدودية.
  • رعاية ما بعد الجراحة: يحتاج الأطفال بعد الجراحة عادةً إلى مراقبة المضاعفات مثل الالتهابات أو الخراجات، خاصةً إذا كان التهاب الزائدة الدودية متقدماً في وقت الجراحة.[5] غالباً ما يتم إعطاء المضادات الحيوية عن طريق الوريد لتدبير أي عدوى محتملة.

أهمية التدخل في الوقت المناسب

عند الاشتباه في التهاب الزائدة الدودية، يجب على الوالدين طلب الرعاية الطبية الفورية. قد يؤدي التأخير في التشخيص والعلاج إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك:

  • تمزق الزائدة الدودية: يمكن أن يسبب هذا عدوى واسعة النطاق داخل البطن.
  • خراج داخل البطن: يمكن أن يتكون تجمع القيح بعد الانثقاب.
  • زيادة معدلات الإمراضية: يمكن أن تؤدي المضاعفات الناجمة عن التأخير في العلاج إلى إقامة أطول في المستشفى وتداخلات طبية أكثر تعقيداً.

الخلاصة

على الرغم من أن التهاب الزائدة الدودية أكثر شيوعاً عند الأطفال الأكبر سناً والمراهقين، إلا أنه يمكن أن يحدث عند الأطفال الصغار جداً ويمثل تحديات فريدة في التشخيص والعلاج. يمكن أن يؤدي الوعي بالأعراض والإلحاح على طلب المساعدة الطبية إلى تحسين النتائج بشكل كبير للأطفال المتضررين. يجب على الآباء أن يكونوا يقظين واستباقيين في معالجة أي علامات لضيق البطن عند أطفالهم الصغار.

قمنا بتوثيق في هذه الحالة وتوثيق ندرة وصعوبة وتحدي تشخيص التهاب الزائدة الدودية عند الرضع وضرورة فحص الطفل بشكل كامل. وعدم التأخر في مراجعة اقرب نقطة طبية أو مشفى أطفال بحال ظهور أي عرض لدى الطفل لتدارك الحالة وعدم حدوث أي مضاعفات يمكن الحد منها. ويعد استئصال الزائدة الدودية وغسل البطن بسيروم ملحي دافئ بشكل جيد هي حجر الاساس في علاج هذه الحالة. ونؤكد على أن يكون السيروم الملحي دافئا.

توضيح:

تم علاج هذه الحالة مشفى باب الهوى المدعوم من قبل الجمعية الطبية السورية الأمريكية- سامز، حيث استقبل الحالة الطبيب ياسر الحمادي المقيم في اختصاص جراحة الأطفال في الهيئة السورية للاختصاصات الطبية سبومز، وتم تدبير الحالة تحت إشراف مباشر من الطبيب المشرف الدكتور محمود قداح.

المراجع:

[1]        R. M. Rentea and S. D. St. Peter, “Pediatric Appendicitis,” 2017. doi: 10.1016/j.suc.2016.08.009.

[2]        P. Marzuillo, “Appendicitis in children less than five years old: A challenge for the general practitioner,” World J Clin Pediatr, vol. 4, no. 2, 2015, doi: 10.5409/wjcp.v4.i2.19.

[3]        Z. Pogorelić, J. Domjanović, M. Jukić, and T. Poklepović Peričić, “Acute appendicitis in children younger than five years of age: Diagnostic challenge for pediatric surgeons,” Surg Infect (Larchmt), vol. 21, no. 3, 2020, doi: 10.1089/sur.2019.175.

[4]        E. C. Howell, E. D. Dubina, and S. L. Lee, “Perforation risk in pediatric appendicitis: Assessment and management,” 2018. doi: 10.2147/IDR.S167639.

[5]        M. Knaapen et al., “Outcomes after appendectomy in children with acute appendicitis treated at a tertiary paediatric centre: results from a retrospective cohort study,” Langenbecks Arch Surg, vol. 406, no. 1, 2021, doi: 10.1007/s00423-020-01976-y.

[6]        M. Md. E. L. M. M. Mary L Brandt, “Acute appendicitis in children: Clinical manifestations and diagnosis.” Accessed: Aug. 06, 2024. [Online]. Available: https://www.uptodate.com/contents/acute-appendicitis-in-children-clinical-manifestations-and-diagnosis?search=acute%20appendicitis&source=search_result&selectedTitle=3~150&usage_type=default&display_rank=3

المحاضرات المضافة حديثاً