القصة المرضية:
وصل مريض يبلغ من العمر 68 سنة إلى قسم الإسعاف في مشفى القدس المدعوم من منظمة يد بيد للإغاثة بقصة ألم بطني منذ حوالي 6 ساعات، يصف المريض الألم بأنه مستمر ومتزايد في الشدة. كان في استقباله الدكتور مصطفى الأرملي مقيم أمراض باطنة سنة ثالثة. قام الدكتور مصطفى بأخذ قصة مرضية مفصلة من المريض ولم يكن لدى المريض أي سوابق مرضية أو قصة تدخين، وصف المريض الألم بأنه الأسوأ في حياته، بدأ الألم حوال السرة بشكل حاد ومتزايد ولم يستجب على المسكنات في المنزل.
الفحص السريري:
بالفحص كان المريض شاحبا، والضغط الشرياني 110/ 70 مم ز، النبض 120 / دقيقة، إشباع الأوكسجين 98%. كانت البطن حادة مع دفاع عضلي مع جس كتلة نابضة على الخط الناصف. وبإشراف د. وسيم زكريا اختصاصي الأمراض الباطنة المشرف في المشفى تم إجراء إيكو بطن. أظهر الإيكو وجود أم دم أبهر بطني، تم طلب طبقي محوري للبطن مع حقن للأوعية الدموية، تم كشف أم دم ضخمة بالأبهر البطني تقيس 11 سم مع شك تمزق وورم دموي خلف البريتوان.
التدبير:
تم وضع المريض على المراقبة التخطيطية وإعطاء السيروم الملحي قبل وبعد إعطاء المادة الظليلة حفاظاً على الوظيفية الكلوية من التأذي نظراً للعمر المتقدم وللحفاظ على الضغط الشرياني بشكل مناسب. ثم تم إجراء استشارة جراحة وعائية عبر الهاتف وكان القرار استطباب الجراحة الإسعافية. تم التنسيق مع قسم الجراحة الوعائية في مشفى معرة مصرين المدعوم مع الجمعية الطبية السورية الامريكية (SAMS)، لذلك تم إرسال المريض مع توصيات الحفاظ على الاستقرار الهيمودينامكي أثناء النقل الذي استغرق حوالي 3 ساعات بسبب الضباب الكثيف على الطريق، في مشفى معرة مصرين كان بانتظاره فريق الجراحة الوعائية المكون من مقيم الجراحة الوعائية سنة ثالثة د. محمد باسل صطيف و الطبيب د. الدكتور محمد الشيخ حيث تم إعادة التقييم بمشفى معرة مصرين حيث تتطور لدى المريض ألم ممزق أشده في الظهر مع تطور علامات صدمة حيث وصل المريض بضغط شرياني 70/50 مم ز، مع تسرع في النبض وانخفاض في إشباع الأوكسجين، تم اتخاذ قرار التداخل الجراحي العاجل ونقل الدم والبلازما حسب التوصيات الحديثة تم فتح البطن ولقط عنق أم الدم الأبهرية والسيطرة على النزف ثم فتح أم الدم و زرع البنطال الأبهري .
استمر العمل الجراحي حوالي 6 ساعات ثم تم قبول المريض في العناية المشددة، ووضعه على التهوية الآلية لمدة 24 ساعة ثم أجري الفطام وتقييم المريض سريرياً حيث عادت التروية إلى الطرفين السفليين مع زوال الألم البطني وكان التقييم المخبري ضمن الطبيعي بعد 48 ساعة من القبول في العناية. وتم تخريج المريض للجناح بصحة جيدة لمدة أربع أيام ثم التخريج الى المنزل بصحة جيدة.
المناقشة:
أم الدم الأبهر البطني(AAA) ، وهو تمدد موضع يزيد بنسبة تزيد عن 50 % عن القطر الطبيعي للشريان الأبهر، وهو حالة شائعة ولكنها قد تكون مميتة. تتمزق أم الدم الأبهرية عند ما يقارب من 50% من المرضى الذين يصلون إلى المستشفى لتلقي العلاج، ويموت ما بين 30 و50 % في المستشفى على الرغم من التقدم الكبير في العناية المركزة والتقنيات الجراحية.
تشاهد أم الدم الابهر البطني بشكل أشيع عند الذكور بأربع إلى ست مرات مقارنة بالإناث لكن الإناث يعانين من تمزق أكثر من الرجال.
تشمل عوامل الخطر الرئيسية لتطور أم دم الأبهر البطني:
- التقدم في العمر
- جنس الذكور
- العرق الأبيض
- القصة العائلية
- التدخين
- وجود أم دم بالأوعية الدموية الكبيرة الأخرى
- عوامل خطر تصلب الشرايين.
على الرغم من أن داء السكري هو عامل خطر قوي لتصلب الشرايين، إلا أنه يرتبط سلبًا بتطور أم الدم.
تؤثر العوامل المتعددة على توسع الأبهر وخطر التمزق، وأهمها قطر الأبهر والتدخين المستمر.
معظم المرضى الذين يعانون من أم دم الأبهر البطني لا يعانون من أي أعراض. ويتم كشفها عادة بالصدفة بسبب فحص روتيني أو أثناء دراسات تصوير لتقييم شكاوى غير ذات صلة. يمكن في بعض الأحيان أن تحدث أعراض أم الدم إذا كان تمدد الأبهر يتوسع بسرعة، أو أصبح كبيرًا بما يكفي لضغط الهياكل المحيطة أو عندما تتمزق، غالبًا يعاني المرضى من آلام في البطن أو الظهر أو الخاصرة كما في مريضنا، والتي قد تكون مرتبطة أو لا ترتبط بتمزق أم الدم. في حوالي 50 % من مرضى التمزق يوجد الثالوث الكلاسيكي: ألم البطن الحاد وانتفاخ البطن وعدم استقرار الدورة الدموية. يمكن أن يتظاهر أيضًا بمظاهر سريرية أخرى مثل نقص تروية الأطراف (حاد أو مزمن).
يتطلب التشخيص النهائي دراسات تصوير البطن التي تُظهر اتساعًا بؤريًا للشريان الأبهر يفي بمعايير تمدد الأوعية الدموية > 1.5 مرة القطر الطبيعي. يعتبر التصوير بالموجات فوق الصوتية للبطن والتصوير الطبقي المحوري للبطن حساسين للغاية ويعتبر الإيكو كافي للتقييم في الحالات الغير مستقرة هيمونياميكياً.
يشمل التدبير الأولي للمرضى الذين يعانون من أعراض (مع أو بدون تمزق) إعطاء السوائل الوريدية، وتسكين الألم، والتحضير للجراحة. بالنسبة للمرضى الذين يعانون من تمزق أم الدم، نقترح الحفاظ على ضغط الدم الانقباضي بين 80 و100 ملم زئبقي (انخفاض ضغط الدم المتساهل) بدلاً من المستويات الأعلى قبل الإصلاح. قد يقلل انخفاض ضغط الدم المتساهل من استمرار التمزق للشريان الأبهري ويقلل من فقد الدم.
عندما يتم تشخيص تمزق أم الدم يجب إجراء إصلاح طارئ لمنح المريض أفضل فرصة للبقاء على قيد الحياة. وبالنسبة للمرضى الذين يعانون من أعراض (بدون تمزق) تقترح إصلاح عاجلاً.
يجب نقل المرضى الذين يعانون من تمزق أم الدم مع اضطراب هيموديناميكي مباشرة إلى غرفة العمليات للتحكم الفوري في النزف وإصلاح أم الدم.
يعتبر الإصلاح داخل الأوعية الدموية أفضل من الإصلاح المفتوح حيث تبين انه يترافق بانخفاض معدلات المراضة والوفيات المحيطة بالجراحة (30 يومًا).