كتب الدكتور زياد مرزوق طبيب مقيم في اختصاص الأمراض الباطنة
لم يسبق لنا أن رأينا ما يحدث هذه الفترة من كارثة بكل معنى الكلمة .
اسم ارتبط بالرعب لنا كأطباء ، و لمن يرى بشكل يومي ما يحدث في غرف العنايات ،
نعم إنه فايروس كورونا المستجد ، وخاصة النمط دلتا .
بقدر حجم المعاناة ،بقدر حجم الخطورة، بقدر كل المآسي اليومية ،لكأنك في سباق مع الزمن لتنقذ من استطعت ولتمنع تدهور حالات اخرى .
ساعات طوال وقوفاً، ساعات طويلة من الضغط النفسي والبدني يزول عندما تقول للفنيين في العناية “هذا المريض يخرج الى الجناح لقد تم انقاذه “.
“يا حجي تفضل معنا عالجناح لم نعد نريدك بالعناية” يجيب الحجي باستغراب ” لماذا يا بني ؟؟”
نقول له ” الحمدلله وضعك تحسن والعلامت الحيوية اضحت مستقرة ولازم توضع بالجناح للتأهيل ما قبل التخريج خلال ايام قليلة “
شعور يجعلك تحمد الله أن اختارك لتكون بين هؤلاء المرضى وضمن هذه المأساة، ولتكون سببا في إنقاذهم .
يزول كل التعب عندما ترى ابتسامة المريض سروراً بخروجه من غرفةٍ يرى فيها يومياً كيف يتخطف الموت مَن حوله الواحد تلو الآخر .
من الحالات التي نتابعها بشكل يومي، مرضى طال بقاؤهم في المستشفى لمدة ٢٥ يوماً او أكثر، تمت متابعتهم وفق أحدث الدراسات لمرضى الكورونا في العالم، والخبرة في استخدام التهوية الغازية وغير الغازية، ممن يحتاجون لها ، فمنهم من وصل حد الموت عدة مرات ، والقدرة الإلهية كان لها الفضل بأن يعودوا لتتحسن حالتهم .
المريض ط ب مريض خميسيني يعاني من الداء السكري من النمط ٢، من مرضى العناية الذين تابعناهم لمدة ٢٥ يوماً، تخرج منذ أيام بعد أن كان قرار التنبيب قاب قوسين أو أدنى إذ وصل المشفى بأكسجة ٥٥ % ، تمت متابعته يومياً، وبشكل حثيث باستخدام التهوية غير الغازية، على جهاز التهوية الآلية بأنظمة معتمدة على حالته ،وضبط أرقام السكر بشكل صارم، والمحافظة على توازن السوائل لمنع أي تدهور يكسر معاوضة المريض، حتى تحسنت حالته السريرية رغم الوضع السيء للمريض سريرياً ومخبرياً وشعاعياً.
وهو الآن يمارس حياته بشكل طبيعي بعد عدة أيام من التخريج .
من المرضى المسنين، المريض ب ب العمر ٧٠ سنة ،فترة البقاء في العناية حوالي ١٧ يوما، مع أسبوع في الجناح، ثم تخرج إلى المنزل، وتواصل معي منذ عدة أيام يشكرنا على ماقدمناه له . وهو من المرضى المتعاونين الذين استفادوا من التهوية غير الغازية بأنظمة CPAP BIPAP وتم تجنيبه التنبيب رغم التدهور السريري والمخبري لحالته ورغم الأمراض المرافقة .
من الحالات الجميلة التي يتم تدبيرها في العناية في مشافي الكوفيد
ألشابة ل ن ذات ال ١٦ ربيعاً
وهي مصابة بالداء السكري من النمط ١ مع حماض كيتوني سكري مع إصابة كوفيد ، وصلت للمشفى بحماض استقلابي شديد غير متوافق مع الحياة PH 6.7، وتم تخريجها إلى الجناح بعد ٣ أيام بعد أن استقر وضعها ،لاحقا تم تخريجها إلى المنزل .
رغم أن حالات الشفاء تزيد بكثير عن حالات الموت إلا أن بعض الحالات يكون لها وقع في النفس .
فمن الحالات المأساوية مريضة ٣٨ سنة حامل في شهرها السابع وصلت بأكسجة ٦٠ % للمشفى مع زلة تنفسية. وأظهى إيكو البطن وفاة الجنين بسبب نقص الأكسجة ،لتفارق الأم الحياة في اليوم الثاني رغم كل المحاولات والاستشارات.
مريضة اخرى شابة بعمر ١٤ سنة وصلت للمشفى ليلاً بأكسجة ٣٥% مع حالة عامة سيئة جداً ليتم تنبيبها في اليوم التالي ومن ثم تفارق الحياة .
من الحالات المأساوية أيضاً شاب بعمر ٣٠ سنة وصل البارحة إلى المستشفى بأكسجة ٢٠% مع حالة عامة سيئة ، توقف قلبه بعد القبول ب ٣ دقائق .
رحم الله من توفاه، وعافى الله من بقي .
وجب التنبيه من خطر هذا الفايروس الخطير جداً واتباع أساليب الوقاية والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة والمسارعة إلى أخذ اللقاح . فعملياً لم لم نشاهد اي مريض يدخل العناية ممن تلقوا اللقاح حتى الآن.