التدخل الطبي العاجل ينقذ مريضة من التسمم بالبنزوديازبينات

التدخل الطبي العاجل ينقذ مريضة من التسمم بالبنزوديازبينات

تعتبر البنزوديازبينات من العقاقير المهدئة والمنوّمة التي تُستخدم لعلاج اضطرابات القلق والأرق، وتلعب أيضاً دوراً مساعداً في إجراءات التخدير الجراحي. تعمل هذه الفئة من الأدوية بشكل أساسي على تعديل مستقبلات GABA، الناقل العصبي المثبط، مما يؤدي إلى تأثير مثبط على الجهاز العصبي المركزي وبالتالي يساهم في التهدئة والسيطرة على الأعراض. تكون البنزوديازبينات فعالة وآمنة نسبياً، عند استخدامها بجرعات آمنة وتحت الإشراف الطبي. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي تناولها بجرعات مفرطة إلى مضاعفات خطيرة، بما في ذلك تثبيط الجهاز التنفسي قد تهدد الحياة.
نستعرض في هذه الحالة السريرية تفاصيل تدبير مريضة تبلغ من العمر 23 عاماً، تم إحضارها إلى قسم الطوارئ في حالة غياب تام للوعي بعد تناول جرعة زائدة من كلونازيبام. يشير التدخل الطبي الفوري الذي شمل التنبيب والإعطاء السريع للترياق فلومازينيل، إلى أهمية الاستجابة السريعة والبروتوكولات العلاجية الفعالة في تحسين نتائج المرضى في حالات التسمم الدوائي.

بيانات المريضة

  • العمر والجنس: أنثى، 23 عاماً.
  • التاريخ الطبي: لا توجد أمراض مزمنة أو اضطرابات طبية سابقة. لا يوجد سجل لمحاولات تناول جرعات زائدة قبل هذه المرة.

القصة المرضية

تم إحضار المريضة إلى قسم الطوارئ في حالة غياب تام للوعي بعد تناول 10 حبات من كلونازيبام (2mg) قبل حوالي 30 دقيقة من الوصول. كان دور العائلة حاسماً في توفير معلومات دقيقة حول كمية وتوقيت تناول الدواء، مما ساعد في توجيه الفريق الطبي نحو الإجراءات العلاجية المناسبة بسرعة.

  • غياب استجابة المريضة للمؤثرات الصوتية أو الألمية.
  • تنفس تلقائي مع وجود شحوب وزرقة.
  • خروج زبد من الفم دون وجود علامات عض على اللسان.
  • حدقات دبوسية متقبضة في كلا الجانبين.
  • ضغط الدم 110/50 مم زئبق، معدل النبض 140 نبضة/دقيقة، درجة الحرارة 38.5 درجة مئوية، وتشبع الأكسجين 94%.
  • الجهاز التنفسي: سماع خراخر خشنة في الساحتين الرئويتين، مما يشير إلى احتمال وجود ذات رئة استنشاقية.
  • الجهاز الهضمي: البطن لينة ومتنفسة.
  • الجهاز العصبي: غياب التفاعل الحدقي، مع تسجيل GCS عند 4/15، ومنعكس بابنسكي غائب في كلا الطرفين.
  • القلب والأوعية الدموية: صوتا القلب (S1 و S2) طبيعيان ومنتظمان.

تحاليل الدم المخبرية:

  • الكريات البيضاء: 6.9 × 10^3/µL
  • الخضاب: 11.5 g/dL
  • الصفيحات: 219 × 10^3/µL
  • سكر الدم: 138 mg/dL
  • البروتين الارتكاسي: 2 mg/L
  • البولة: 29 mg/dL
  • كرياتينين: 0.9 mg/dL
  • إنزيمات الكبد: SGPT: 36 U/L، SGOT: 31 U/L
  • غازات الدم الشريانية: pH: 7.47، PCO2: 39 mmHg، PO2:100 mmHg

تصوير الصدر: طبيعي.
تخطيط القلب: طبيعي.

التدخل العلاجي

تم نقل المريضة إلى وحدة العناية المركزة مع تنبيب الرغامى لضمان حماية مجرى الهواء. تم تنظيف الطريق الهوائي باستخدام السيروم الملحي، وإعطاء الأتراكوريوم للاسترخاء والتخدير باستخدام مضخة الكيتامين. تم وضع المريضة على جهاز التهوية الآلية باستخدام نظام PRVC، نظراً لقدرته على تحقيق توازن مثالي بين حجم التنفس وضغط الهواء، مما يعزز من التهوية الملائمة لحالات الفشل التنفسي الحاد.
تم إعطاء الترياق – فلومازينيل، بجرعة مبدئية 0.2 ملغ عن طريق الوريد، وتم تكرارها بجرعات إضافية حتى الوصول إلى الجرعة القصوى البالغة 3 ملغ. استجابت المريضة تدريجياً، لكن ظلت غير قادرة على حماية مجرى الهواء بشكل كافٍ.

غسيل المعدة: تم إجراء غسيل المعدة باستخدام لتر من السيروم الملحي مع الفحم النشط بجرعة 1 غ /كغ لتقليل امتصاص الدواء المتبقي.
غسيل الأمعاء: تم استخدام البولي إيثيلين غلايكول بمعدل 1.5 لتر/ساعة لمدة 3 ساعات لضمان تنظيف الأمعاء.

المتابعة

أظهرت المريضة تحسناً في الوعي وتم فطامها عن جهاز التهوية الآلية بنجاح بعد مرور 12 ساعة من التدخل، مع الاستمرار في العلاج العرضي والتغطية المضادة للالتهابات.

بعد استقرار الحالة، تم تخريج المريضة إلى المنزل مع وصفة تتضمن:

  • صاد حيوي: أوغمنتين 1 غرام مرتين يومياً لمدة 7 أيام، مع ضرورة متابعة الطبيب في حال ظهور أي أعراض جانبية.
  • وقاية للمعدة: لانسوبرازول 30ملغ مرة واحدة يومياً لمدة 14 يوماً، لتجنب أي مضاعفات هضمية.
  • مسكنات: باراسيتامول (أسيتامينوفين) 1 غرام عند الحاجة، مع عدم تجاوز الجرعة اليومية القصوى (4g) لتجنب السمية الكبدية.

الاستنتاج

تسلط هذه الحالة الضوء على أهمية التدخل العلاجي الفوري والمنظم في حالات التسمم بالبنزوديازبينات، مع التركيز على استخدام الترياق المناسب مثل الفلومازينيل لتقليل التأثيرات السامة. بالإضافة إلى ذلك، يظهر الدور الكبير الذي يلعبه أفراد العائلة في توفير المعلومات الضرورية للتشخيص السريع واتخاذ الإجراءات المناسبة. يعكس هذا التقرير أيضاً أهمية اتباع بروتوكولات علاجية قائمة على الأدلة لضمان نتائج علاجية فعّالة والحفاظ على حياة المريض.

تنويه:

تم تدبير هذه الحالة السريرة من قبل الطبيبتان: د. هبة عتيق ود. عزيزة عبيد المقيمتين في اختصاص الأمراض الباطنة، تحت إشراف الطبيب الاختصاصي د. عبد الرحمن سليمان المشرف في المجلس العلمي لاختصاص الأمراض الباطنة، في مشفى شام التخصصي للأمراض الداخلية المدعوم من قبل مؤسسة شام الإنسانية.

Leave a Reply

المحاضرات المضافة حديثاً